نفت المحكمة الجنائية الدولية من العاصمة الليبية طرابلس، أنباء عن توجه نحو شطب اسم سيف الإسلام القذافي من قائمة المطلوبين، مجددة أمر القبض على أبرز الشخصيات الغامضة في نظام والده معمر القذافي.
وأفادت مصادر ليبية مطلعة أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان أبلغ كبار المسؤولين الليبيين من بينهم رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة عبدالحميد الدبيبة بطرابلس، الإبقاء على اسم سيف الإسلام القذافي ضمن المطلوبين للمحكمة بتهم جنائية، لكنه شدد على ضرورة التعاون بين القضاء الليبي والهيئة الدولية خصوصًا بشأن ملاحقة المجرمين الفارين من العدالة.
كما اتفق خان مع النائب العام الليبي الصديق الصور على استحداث آلية تعاون مشتركة بين الجانبين لضمان محاسبة المسؤولين عن الجرائم التي ارتكبت في ليبيا.
وشرح المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في تقريره، الذي قدمه لمجلس الأمن من طرابلس مساء الثلاثاء، موانع عدم إسقاط التهم الموجهة ضد نجل معمر القذافي، بعدما جمع مكتبه على مدار تحقيقاته منذ إحالة مجلس الأمن للحالة، معلومات موثوقة وواسعة النطاق بشأن العنف المرتكب ضد المتظاهرين والمعارضين للنظام السابق في عام 2011.
وأشار خان إلى أن هناك أمر قبض علنيا واحدا معلقا فيما يتصل بهذا التحقيق، وهو أمر القبض في حق سيف الإسلام القذافي، مؤكدا مواصلة المكتب لاستكشاف الفرص المتاحة للاعتقال والملاحقة القضائية فيما يتصل بهذا الوقت من التحقيق.
ومع عودة الحديث عن اعتقاله، تم تداول وثيقة رسمية صادرة عن جهاز المباحث الجنائية الليبي تعود إلى تاريخ 20 نوفمبر 2021 تؤكد تبرئة القضاء الليبي سيف الإسلام من أي تهم ضده.
وبعد شهر واحد من مقتل معمر القذافي الذي حكم ليبيا لنحو 42 عاما، أي في نوفمبر 2011 ألقي القبض على نجله سيف من طرف كتائب الزنتان أثناء محاولاته الفرار إلى خارج البلاد، ليتم نقله لهذه المدينة الواقعة غربي البلاد، ويقدم بعدها للمحاكمة أمام القضاء الليبي.
ورغم صدور حكم بإعدامه في منتصف عام 2015 لاتهامه بارتكاب جرائم حرب وقتل المواطنين، إلا أن القرار لم ينفذ، وتم إطلاق سراحه من قبل كتيبة أبو بكر الصديق، التي كانت تحتجزه في الزنتان منتصف عام 2017 دون قرارات رسمية من السلطات.
ومن حينها اختفى قبل أن يظهر في مقابلة صحافية مع صحيفة “نيويورك تايمز” في عام 2020 وبعدها بعام تقدم إلى مقر المفوضية العليا للانتخابات في مدينة سبها الليبية لإيداع ملف ترشحه للانتخابات الرئاسية في نوفمبر 2021.
ومن المفارقات أن أصبح السجانون هم من يوفرون الحماية له، إذ ظهر قبل أشهر رفقة نجل آمر كتيبة “أبو بكر الصديق” العجمي العتيري المكلف بحمايته، واقفا يرفع إشارة النصر في منطقة جبلية ومرتديا قميصا وقبعة رياضية، بلحيته المعتادة التي غزاها الشيب ونظارته القديمة. كما ظهرت أصابع يده اليمنى مبتورة بشكل واضح.
وأكد نشطاء ليبيون قبل أسابيع أن قوات موالية لسيف الإسلام أسهمت في الإسراع بالإفراج عن العتيري، الذي احتجز لمدة أسبوع، وهو ما يؤكد حسبهم القوة الشعبية التي يحظى بها، فقد أعلنت قوى عسكرية وأمنية في مدينة الزنتان تبعيتها له ودعمها لترشح سيف إلى الانتخابات الرئاسية القادمة. ورحب على إثرها المجلس الأعلى لقبائل ومدن فزان بدوره بـ”المواقف الوطنية الصادقة التي وردت في بيان قوى مدينة الزنتان”.
ويتمسك مرشحون للرئاسة في ليبيا بضرورة إقصائه، لأنه مطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب، في وقت ينادي سياسيون من أنصار تيار “الخضر” بالسماح له بالترشح وترك حرية الاختيار لليبيين.
وبعد إطلاق المجلس الرئاسي مشروع المصالحة الوطنية بتنسيق مع الاتحاد الأفريقي، انخرط الفريق السياسي لسيف الإسلام في الاجتماعات التمهيدية، قبل أن يعلن انسحابه منها نهاية العام الماضي، في حين قاطع المشاركة في اجتماع مركز الحوار الإنساني الذي عقد في روما تحت شعار “ملتقى أنصار النظام السابق”.