من سلطنةِ عُمان بلادِ الفنِّ والثقافة، برزت حسناء العجمي في العزفِ على آلةِ الفلوت الموسيقيَّة حيث تقدِّمُ وبمهارةٍ مقطوعاتٍ شرقيَّةً بأبعادٍ غربيةٍ، تنالُ الإعجاب.
حقَّقت شهرةً واسعةً، وحظيت بحضورٍ لافتٍ في المحافلِ الفنيَّة بعد ارتباطِ اسمها بهذه الآلةِ على مستوى السلطنة، وتسعى حالياً لتمثيلِ بلدها في محافلَ فنيَّةٍ كبرى، إلى جانب تقديمِ دوراتٍ تدريبيَّةٍ في النوتةِ الموسيقيَّة، وأخرى في الرسمِ على الفحم، الموهبةُ الثانية التي تجيدها ببراعةٍ. التقيناها في “سيدتي”، فكان هذا الحوارُ حول مسيرتها الفنيَّة.
آلة الفلوت واختيارها
حدِّثينا بدايةً عن اتجاهكِ للعزفِ على الفلوت. لماذا اخترتِ هذه الآلة؟
أحببتُ العزفَ والرسمَ في طفولتي، وارتبطتُ بهاتين الهوايتَين كثيراً، ومارستهما في المنزلِ والمدرسة، بل وفي كل مكانٍ حضرتُ فيه. كنت أعيشُ بهما أجملَ لحظاتي. عندما كبرت، درستُ العزفَ بوصفه اختصاصاً في الجامعة، وتحديداً آلة الفلوت التي اختارها لي رئيسُ القسم آنذاك الدكتور محمد الماجري. شعرتُ بارتباطٍ كبيرٍ بهذه الآلة، وأن الدكتور الماجري، أحسنَ الاختيارَ لي، لذا اندمجتُ معها سريعاً، وأتقنتُ العزفَ عليها مع أنني لم أفكِّر يوماً باختيارها. أذكر أنني عندما ذهبتُ لاختبارِ القبول، كان في مخيلتي انتقاءُ الساكسفون، لكنْ هذه الآلةُ لم تكن متوفِّرةً وقتها، فتمَّ إرشادي للفلوت من قِبل المختصِّين، ورشَّحوها لي حتى أتعلَّمها، وبالفعل أتقنتُ العزفَ عليها، وأحببتها، لكنني لم أخطِّط لأن تكون الموسيقى مهنةً لي. كنت أريدُ فقط ممارسةَ هوايةِ العزف التي لطالما عشقتها.
هل وجدتِ دعماً وتشجيعاً عند دخولكِ المجال؟
لطالما كانت أسرتي السندَ والمشجِّعَ الأوَّلَ لي في مسيرتي الفنيَّة، خاصَّةً والدي. لقد جعلوني بدعمهم بارعةً بالعزفِ على هذه الآلة، وأحبُّوها من خلالي، ولا يزالون حتى اليوم يُشجِّعونني على الاستمرار.
ما قواعدُ وأسرارُ العزفِ على الفلوت، وما مكانةُ هذه الآلةِ في الموسيقى العربيَّة؟
هناك قواعدُ مهمَّةٌ للعزفِ على آلةِ الفلوت، منها إطالةُ النفَس، كما تحتاجُ إلى تمارينَ خاصَّةٍ، وإجادةِ تحريك الأصابعِ عند العزف حتى يُتقِن الشخصُ هذه الآلة. لا أستطيعُ أن أصفها سوى بأنها آلةٌ غربيَّةٌ بحتةٌ، لكنْ في الإمكانِ عزفُ مقطوعاتٍ شرقيَّةٍ بأبعادٍ غربيَّةٍ عليها، مع العلم أن هذه المقطوعات، تلقى رواجاً بين الناس. الفلوت مثل غيرها من الآلاتِ الموسيقيَّة متاحةٌ للجميع، ويمكن لأي شخصٍ من أي عمرٍ تعلُّمها، لكنْ، ومن خلال خبرتي، كلَّما بدأت مبكراً، حصلت على خبرةٍ أكثر.
أنتِ أيضاً قارئةُ نوتةٍ موسيقيَّة، هل عزَّز هذا الأمرُ من عزفكِ على آلةِ الفلوت، وهل تعدِّين نفسكِ مؤلِّفةً؟
قراءةُ النوتة، تعدُّ الأساسَ للاندماجِ في الفرقِ الموسيقيَّة، كما تساعدُ في التدريباتِ، وأدائها بشكلٍ صحيحٍ دون تخميناتٍ. مع ذلك أجدُ نفسي متعلِّقةً بالعزف أكثر، وأتقنه تماماً، ولا أميلُ كثيراً للتأليف.
كم المدةُ التي تستغرقينها لتعلُّم أي معزوفةٍ جديدةٍ، ومَن هو عازفُ الفلوت المفضَّل لديكِ؟
يعتمد هذا الأمرُ على مستوى المقطوعة. هناك مقطوعاتٌ تأخذُ مني دقائقَ فقط، بينما تتطلَّب أخرى أياماً. بشكلٍ عامٍّ عندما تجيدُ قراءةَ النوتة، ستتمكَّن من عزفِ أي مقطوعةٍ توضع أمامك. إتقانُ العزف، يحتاج إلى الممارسةِ والتدريب، والحمد لله أتقنُ أداءَ معزوفاتٍ منوَّعةٍ ومختلفةٍ. أمَّا فيما يخصُّ العازفَ المفضَّل، فأرى أن لكلِّ عازفٍ ميزةً خاصَّةً به، لكنَّني أحبُّ الاستماعَ للعازفة jasmineChoi.
هل تحرصين على نشرِ معزوفاتكِ في حساباتكِ بقنواتِ التواصلِ الاجتماعي، وكيف تصفين ردودَ فعلِ المتابعين؟
نعم، لأن “السوشال ميديا” الطريقةُ الأسرعُ اليوم لإيصالِ المهاراتِ للجمهور، والتعريفِ بنفسكِ للناس في أي مكانٍ بالعالم، فهذه الوسائلُ تختصرُ المسافة، وتوصلُ الإبداعات إلى كلِّ بقعةٍ على الكرة الأرضيَّة. الحمد لله، أتلقَّى ردودَ فعلٍ إيجابيَّةً وجميلةً ممَّن يتابعني في دولٍ مختلفةٍ، ويُبدون إعجابهم بالمقطوعات التي أعزفها في الفيديوهات التي أبثُّها بحساباتي.
فن الموسيقى
ماذا تعني لكِ الموسيقى؟
الموسيقى لغةٌ، لا تحتاج إلى مترجمٍ. اسمعها، وستفهمها مهما كانت جنسيَّة العازف.
ما مدى الاهتمام بالموسيقى في سلطنةِ عُمان؟
عُمان دولةٌ معروفةٌ بفنونها. لكلِّ ولايةٍ، ولكلِّ منطقةٍ فنُّها الخاصُّ، وهذا أمرٌ يستحقُّ أن نتباهى به. نحن في عُمان نحبُّ الفنونَ بكلِّ أنواعها.
بوصفكِ عازفةً، هل وجدتِ ترحيباً في الوسطِ الفنِّي؟
بالنسبةِ لمجتمعي، الحمد لله وجدتُ تقبُّلاً منذ اختياري العزفَ على هذه الآلة. مجتمعنا مثقَّفٌ جداً، ولديه قبولٌ كبيرٌ لدخولِ المرأة عالمَ الفنِّ مهما كان التخصُّص.
إذاً، هل تشجِّعين الفتياتِ العُمانيات على اقتحامِ عالم الموسيقى؟
نعم بالتأكيد. أشجِّع كلَّ مَن تملك موهبةً فنيَّةً على أن تسعى إلى إظهارها، وتقديمِ نفسها.
ما النصائحُ التي توجِّهينها لمَن ترغب في العزفِ على آلةِ الفلوت؟
في البداية، يجب عليها التدرُّب على هذه الآلة بشكلٍ يومي، لا سيما المحافظةُ على النفَس الطويل، كما تحتاج إلى الصبرِ لإتقانها.
ما رسالتكِ لمحبِّي الفنِّ في سلطنة عُمان؟
أقولُ لهم: لنستمتع بالفنِّ بعيداً عن المقارنات، فالكلُّ يقدِّم ما لديه حسبَ إمكاناته. نحن لسنا في تحدٍّ، بل نستهدفُ تذوُّق الموسيقى، وهو الأهمُّ من وجهةِ نظري.
تأثير آلة الفلوت على شخصية الحسناء العجمي
تعلُّم العزفِ على الفلوت، ماذا أضافَ لشخصيَّتكِ؟
أضاف لي الكثير، لكنَّني أستطيعُ الاختصارَ بالقولِ: إنه أضافَ لي الصبر، وعلَّمني عدمَ الاستسلام.
هل تحرصين على تطويرِ موهبتكِ الموسيقيَّة بالدراسة؟
بالتأكيد. أطوِّرها من خلال دراسةِ مقطوعاتٍ جديدةٍ، وتعلُّم تقنياتٍ حديثةٍ.
ما الصعوباتُ التي واجهتكِ خلال مسيرتكِ الموسيقيَّة؟
تكمن هذه الصعوباتُ في أن الآلة التي تعلَّمتُ العزفَ عليها غربيَّةٌ، لذا وجدتُ بعض التحدِّيات، من ذلك طلبُ الجمهورِ معزوفاتٍ شرقيَّةً، إذ كنت أواجه صعوبةً في تقديمها بهذه الآلة الغربيَّة.
ما أبرزُ إنجازاتكِ التي تفتخرين بها؟
الحمد لله، لدي مشاركاتٌ في مختلفِ المحافل الفنيَّة، إلى جانب ارتباطِ الفلوت باسمي، فكلُّ مَن يسأل عن هذه الآلةِ الموسيقيَّة في وطني، يشيرون له إلى حسناء العجمي، وهذا الأمر يُسعدني كثيراً، وأفتخرُ به.
أين ستكون وجهتكِ الموسيقيَّة المقبلة؟
أتمنَّى أن أشارك في محافلَ وطنيَّةٍ كثيرةٍ، وأن أقدِّم دوراتٍ تدريبيَّةً لقراءةِ النوتة الموسيقيَّة مستقبلاً.
موهبة الرسم
لننتقل إلى جانبٍ آخرَ من مسيرتكِ، وهو الرسم. أنتِ رسَّامةٌ، ومدرِّبةٌ معتمدةٌ، وتعطين دوراتٍ في الرسمِ على الفحم، كيف تصفين ذلك؟
أعدُّ نفسي رسَّامةً هاويةً حتى الآن. عشقتُ الرسمَ في الطفولة، ووجدتُ تشجيعاً من عائلتي، خاصَّةً والدي الذي لطالما أحضر لي كلَّ أدواتِ الرسم، كذلك الحال مع والدتي وإخوتي، حتى إنني كنت أرسمُ على سياراتهم لأطوِّر هذه المهارة! والحمد لله كنت عند حُسن ظنِّهم بي، واستطعتُ إتقانَ الرسم، ابتداءً من قلمِ الرصاص إلى الألوان الزيتيَّة، لكنَّني في النهاية وجدتُ نفسي في الرسمِ بالفحم، وبفضل الله لقيتُ قبولاً من المجتمع، لذا أجتهدُ في تقديمِ دوراتٍ خاصَّةٍ عن الرسمِ بالفحم.
تميلين لرسوماتِ البورتريه، ما الشخصياتُ التي تحبين رسمها، وما قصَّةُ لوحةِ الفنَّان الراحل عبدالحليم حافظ التي نالت الإعجاب؟
أحبُّ كثيراً رسمَ كبارِ السن، إذ تلهمني التجاعيدُ بـ “حكمتها” على الاستمرار. بالنسبة للوحةِ الفنَّان عبدالحليم حافظ، أنا منذ الصغر أحبُّ الاستماعَ لأغنياته، فهي تُطربني، لذا كنت مختلفةً عن الأطفالِ في سنِّي بتذوُّق الأغنيات، بل إن أوَّلَ كتابٍ امتلكته خارجَ الكتبِ المدرسيَّة، كان كتاباً عن كلماتِ أغنياتِ عبدالحليم! كنت أحفظها وكأنَّني أحفظُ قصائدي المدرسيَّة! وقد شجَّعني والدي على ذلك. وعليه، شعرتُ برغبةٍ كبيرةٍ في رسمِ لوحةٍ لعبدالحليم بأناملي، والحمد لله وجدت قبولاً لدى كلِّ مَن شاهدها.
هل سجَّلتِ مشاركاتٍ في معارضَ فنيَّةٍ؟
بطبعي لا أميلُ لذلك، لأن الرسمَ بالنسبةِ لي مجرَّد هوايةٍ فقط.
هوايات
بعيداً عن الفن، ما هواياتكِ اليوميَّة؟
أحبُّ كثيراً الطبخَ، والخياطةَ، وتعلُّم اللغات، وأمارسُ هذه الهوايات في وقتِ فراغي.
الأبراج
ما هو برجكِ، وهل تتابعين الأبراج؟
برجي هو العذراء. نعم أتابعُ الأبراج، وأؤمنُ أن لها دوراً في صقلِ وبناءِ شخصيَّاتنا.
ما الصفةُ التي تحاولين التخلُّص منها في شخصيَّتكِ؟
الحماسُ الزائد، إذ يجعلني أندمُ أحياناً، لأنه يكون حماساً دون تقديرٍ.
هل استطعتِ تحقيق أحلامكِ في مجالَي العزفِ والرسم؟
الأحلامُ لا نهاية لها. في كلِّ يومٍ أسعى إلى تطويرِ نفسي أكثر، والحمد لله راضيةٌ عن المكانةِ التي وصلتُ إليها، وسأعملُ دائماً على إضافةِ أشياءَ جديدةٍ لحياتي.
ما الأغنيةُ التي تعشقين الاستماعَ لها؟
أحبُّ كثيراً الأغنياتِ الكلاسيكيَّة.
إذا قرَّرتِ السفرَ فمع مَن ستذهبين؟
أعشقُ السفر، وأصطحب معي أبنائي دائماً.
عندما تحزنين، أو تفرحين إلى مَن تذهبين؟
إلى عائلتي، فإخوتي مصدرُ الأمانِ لي، وتربطنا سوياً علاقةٌ قويَّةٌ.
أخيراً، ما مشروعاتكِ المستقبليَّة؟
سأركزُ أكثر على التدرُّبِ على العزفِ، ثم الرسم، مع تقديمِ دوراتٍ متخصِّصةٍ.